صلاحيات الرئيس بموريتانيا

يعتبر الرئيس أكثر الشخصيات حضورا داخل الدستور الموريتاني منذ إقراره بداية المسلسل الديمقراطي 1992، وأزداد حضوره بعد التعديلات الدستورية التى أقرها الجيش يونيو 2006.

وقد وردت كلمة الرئيس 48 مرة في الدستور الموريتاني ، وأوكلت إليه الأمة أغلب الصلاحيات دون إلزامه باختيار نائب له أو بتفويضها مهما كانت الظروف.

ورغم أن المادة الثانية من الدستور نصت على أن الشعب مصدر كل سلطة وأن السيادة الوطنية ملك للشعب، وليحق لبعض الشعب ولا لفرد من أفراد أن يستأثر بممارستها إلا أن المواد التى تلت ذلك ركزت السلطة التنفيذية بيد رئيس البلاد.

يجسد الدولة


الدستور الموريتاني أعطى مكانة رفيعة لرئيس البلاد حيث نصت المادة 23 من الدستور على أن " رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وهو الذي يجسد الدولة ويضمن، بوصفه حكما، السير المضطرد والمنتظم للسلطات العمومية. وهو الضامن للاستقلال الوطني ولحوزة الأراضي".

ولم يقتصر الدستور على ذلك بل خول الرئيس ممارسة السلطة التنفيذية وترأس مجلس الوزراء الموريتاني كما تقول المادة الخامسة والعشرين من الدستور.

وتذهب المادة الثلاثين من الدستور إلى إكمال لوحة التحكم بالمشهد التنفيذي داخل وخارج البلد حيث نصت على أن الرئيس " يحدد رئيس الجمهورية السياسـة الخارجيـة للأمـة وسياستها الدفاعيـة والأمنيـة ويسهـر على تطبيقهـا".

وتتيح نفس المادة للرئيس تعيين الوزير الأول وله الحق كذلك فى أن ينهي مهامه.

كما أن للرئيس الحق في أن يعين الوزراء باقتراح من الوزير الأول ويمكنه أن يفوض بعض سلطاته لهم بمرسوم. 

حل البرلمان وإقرار القوانين


ورغم أن الدستور منح الشعب الحق فى اختيار ممثلين عنه لإقرار القوانين والدفاع عن مصالح الشعب ورسم السياسات الخارجية للبلد والمالية ، إلا أن للرئيس الحق فى يحل الجمعية الوطنية بعد استشارة الوزير الأول ورؤساء الغرفتين ، دون أن يقيد ذلك الحق بقبول الأطراف أو رفضها.

وتعطى المادة 32 من الدستور للرئيس الحق في إصدار القوانين في الأجل المحدد في المادة 70 من الدستور. وهو يتمتع بالسلطة التنظيمية ويمكنه أن يفوض جزأها أو كلها للوزير الأول.

كما تعطى المادة ذاته للرئيس الحق فى التعيين فى الوظائف المدنية والعسكرية ، وهو الحق الذي مارسه أغلب الرؤساء بإسراف ، وظل وسيلة لتثبيت دعائم الأحكام السياسية المتعاقبة علي البلاد.

الدستور سمح للرئيس أن يفوض بعض صلاحياته للوزير الأول وهو الحق الذي بموجبه سمحت المادة 33 من الدستور للوزير الأول بتوقيع المراسيم ذات الصبغة التنظيمية عند الاقتضاء .

غير أن المادة 34 خصته بميزة عن غيره من أركان الدولة وهي أن " رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ويترأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني".

كما جاءت المادة 35 من الدستور لتكمل مشهد التحكم فى الحياة السياسية لتنص بالحرف الواحد على أن رئيس الجمهورية هو المسؤول عن تعيين السفراء واعتماد سفراء الدول الأجنبية بالقول " يعتمد رئيس الجمهورية السفراء والمبعوثين فوق العادة إلى الدول الأجنبية، ويعتمد لديه السفراء والمبعوثون فوق العادة".

وقد زادت المادة 36 من الدستور تلك الصلاحيات بالقول "يمضي رئيس الجمهورية المعاهدات ويصدقها".

وجاءت المادة 37 من الدستور لتعطى للرئيس حقا طالما استعمله الرؤساء وهو حق العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها بآخري حسب ميزاج الرئيس وما يري فيه مصلحة للأمة والوطن.


إعلان الطوارئ


غير أن المادة 39 من الدستور أعطت للرئيس صلاحيات غير محدودة إذا شعر بتهديد جدى لكيان الدولة أو خطر وشيك الوقوع ، وذلك من خلال اعمال حالة الطوارئ.

وتقول المادة إن رئيس الجمهورية يتخذ بعد الاستشارة الرسمية للوزير الأول ولرئيسي الغرفتين وللمجلس الدستوري، التدابير التي تقتضيها الظروف حينما يهدد خطر وشيك الوقوع، مؤسسات الجمهورية والأمن والاستقلال الوطنيين وحوزة البلاد، وكذلك حينما يتعرقل السير المنتظم للسلطات العمومية الدستورية، ويطلع الأمة على الحالة عن طريق خطاب.

وتقول المادة ذاتها إن هذه الإجراءات تنبع من الرغبة في ضمان استعادة السير المضطرد والمنتظم للسلطات العمومية في أقرب الآجال، وينتهي العمل بها حسب نفس الصيغ حالما تزول الظروف المسببة لها.

ماذا عن شغور منصب الرئيس؟


تقول المادة 40 من الدستور الموريتاني بأن رئيس مجبس الشيوخ يتولى نيابة رئيس الجمهورية لتسيير الأمور الجارية فى حالة شغو أو مانع اتعبره المجلس الدستورى نهائيا.

ويترتب على ذلك استقالة أعضاء الحكومة والوزير الأول مع القيام بتسيير الشؤون الجارية.

ولحرمان النائب من أى تصرف قد يغير معالم المشهد السياسى حرمت المادة ذاته على الرئيس بالإنابة أى تصرف من شأنه تغيير الواقع بشكل جذرى حيث نصت بالحرف على أن " ليس للرئيس بالنيابة أن ينهي وظائفهم ولا أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء، ولا أن يحل الجمعية الوطنية".

وألزمته أيضا بالتوجه إلى انتخابات جديدة خلال فترة ثلاثة أشهر من وقت اقرار شغور المنصب أو المانع النهائي ، ما لم تحل دون ذلك قوة قاهرة أثبتها المجلس الدستوري.
ومنعته من إدخال أي تعديل على لدستور سواء عن طريق الاستفتاء أو عن طريق البرلمان خلال فترة الإنابة.

وقد حددت المادة 41 طرق التحقق من الشغور بحصرها فى المجلس الدستورى علي أساس طلب من رئيس الجمهورية ذاته أو الوزير الأول أو رئيس الجمعية الوطنية.
وقد أوكلت المادة 53 من الدستور للرئيس الحق في دعوة البرلمان لعقد دورة استثنائية لإقرار بعض المشاريع على أن لا تتجاوز مدتها شهرا واحدا. وتفتتح الدورات فوق العادة وتختتم بموجب مرسوم يصدره رئيس الجمهورية.

وللرئيس الحق في تعيين رئيس المجلس الدستوري من بين الأعضاء المعينين من طرفه كما تقول المادة 72 من الدستور ، وهو أيضا الضامن لاستقلال القضاء، ويساعده في ذلك المجلس الأعلى للقضاء الذي يرأسه كما تقول المادة 89 من الدستور.

وتعطى المادة 99 لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان الحق فى المبادرة بمراجعة الدستور.

ولا يقدم مشروع المراجعة للاستفتاء إذا قرر رئيس الجمهورية أن يعرضه على البرلمان مجتمعا في مؤتمركما تقول المادة 101.