السيرة الذاتية للشيخ الداعية الاول في بلاد شنقيط


الشيخ محمد ولد سيدي يحيى المسومي عالم وواعظ موريتاني من قبيلة مسومة وهي إحدى معاقل العلم الكبيرة في موريتانيا يلقب بكشك موريتانيا نظرا للشبه الكبير بينه وبين الشيخ عبد الحميد كشك في طريقة الوعظ التي تعتمد على البساطة وتخاطب شرائح الاقل حظا في التعلم وقد بلغت شهرته كل بيت موريتاني وكانت اشرطته تعد جزءا لا غنى عنه في سيارة الاجرة في نواكشوط. اسمه هو محمد ولد محمد المصطفى ولد سيدي يحيى المسومي كان مولده قبل استقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية سنة 1960 في المنطقة الوسطى شمال مدينة كيفة تربى في حضن والده الشيخ محمد المصطفى ولد سيدي يحيى في محظرته التي كانت مشههورة في تلك الأنحاء بتدريس القرأن الكريم وعلومه والفقه المالكي بعد وفاة والده انتقل إلى العاصمة نواكشوط عام 1978 فالتحق بمعهد الرابطة للدراسات القرآنية ودرس فيه والتقى بشيوخ كبارفتأثر بما يحملونه من علوم ومعارف وما يبوحون به من هموم الدعوة والدعاة وما يتألمون منه من كثرة مظاهر التمرد والعصيان على ما يحملونه من علوم القرآن، ثم نظر إلى الأوضاع الفكرية والسياسية والاجتماعية فوجد الساحة في ذلك الزمن تغلوا غليانا شديدا وتتصارع فيها القضايا المعاصرة بسلبياتها وإيجابياتها مع مظاهر التحلل الخلقي والتفسخ من التدين في قطاعات عريضة من الشابات والشبان ـ فاعتملت هذه الأمور في عقل هذا الشاب البدوي المتحفظ، فبدأ خطواته الأولى بكلمات عابرة يعلق فيها على مظهر معين ينافي الذوق العام للمجتمع، ويخالف مسالك المتدينين، ويوصف المتعاطي له بقلة الحياء والخروج عن المألوف من العادات المرعية والأعراف الشرعية المتعارف عليها في التقاليد الإسلامية – وأخذه الحديث في مثل هذه المواقف شيئا فشيئا حتى اكتسب الجرأة الخطابية وشعر بإقبال الناس على حديثه واستحسانهم لما يبديه من ملاحظات وانتقادات – ثم درس في هذه المرحلة في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، وتخرج منه بتحقيق رسالة كتبها أحد أعلام البلد وهو -الشيخ سيديا الكبير- عن وجوب تعلم النساء وتعليمهن، وتوطدت صلته بالعاصمة نواكشوط وبعلمائها وطلابها وشبابها وقاطنيها، فاندفع في الدعوة إلى الله تعالى مركزا على النواحي الآتية :
1وجوب التعليم والتعلم وفرضية الدعوة إلى الله تعالى على الجميع كل حسب علمه واستطاعته قائلا : إن الدين للجميع والخطاب فيه للعموم...
2اعتنى عناية خاصة بتوعية فئات عريضة كانت منسية في المجتمع الموريتاني من التعليم ومحرومة من ممارسة الحياة العادية الكريمة، إما لأنهم عند ساداتهم من الملاك الذين لا يرحمون الرقيق ولا يراعون فيهم الواجب الشرعي لجهلهم هم وغفلتهم عن الدين ومتطلبات الملكية فيه، وإما لأنهم من رعاة الحيوانات الذين توارثوا هذه المهن من أجيال متلاحقة وقد أخذوا بأذناب البقر والإبل والغنم وعاشوا عيشة كلها بعد عن العلم والدين وأهله وأهمل"الزوايا"أي طلاب العلم والعلماء واجبهم نحوهم حتى ظن هؤلاء أن الإسلام والتدين والعلم والواجبات لا تعنيهم في شيء،وظن الزوايا ومن نظر نظرتهم أن هؤلاء لا يصلحون للعلم ولا للدين وأن من مضيعة الوقت بذل جهد تعليمي أو تربوي في مثل هؤلاء- فتصدى لهم هذا(الكشك) وخاطبهم بما يفهمون حيث استعمل في دروسه العامة"اللهجة الحسانية الدارجة" وعبر للعوام بعباراتهم واستعمل أمثالهم وكنايتهم وحركاتهم واستعاراتهم ونبرات أصواتهم حتى غلب هذا الصنف من الناس على مجلسه أو مجالسه ورأوا فيه المعلم الناصح الذي يريد أن ينتشلهم بعدما أهملهم غيره وترفع عليهم الآخرون من ساداتهم ومتعلمي بلدهم.
3اهتمامه بتعليم النساء وتوعيتهن ونفر أولياء أمورهن من سوء عاقبة إهمالهن في جهلهن وإطلاق الحبل لهن في الأسفار والخوض في الأسواق أو تركهن نهبة للذئاب الجائعة والضائعة من مرضى القلوب والنفوس الطامعين في إفساد الدين والأعراض والشرف ،واستعمل في ذلك الأدلة الشرعية وما كان عليه السلف الصالح من عناية ورعاية للمرأة لما في ذلك من عونها على إصلاح نفسها وأطفالها قائلا:إن في البلاد عقولا منكوسة مقلوبة الفطرة تسأل عن حضور المرأة للدروس وشهود الجماعة في المساجد ولا تسألها أين سافرت ولامع من كانت ولا تراقبها في خروج ولا ولوج إلا إذا كانت ترغب في حضور الخير وتعلم الدين تأتي لتسأل عن جواز ذلك وعن حكمه في الشرع. وقد نفع الله به في هذا الجانب حيث تدين الكثير من النساء وتعلمن وأطعن الله تعالى.
4 تحول ولد سيدي يحي، من داعية يهتم بالتوعية والوعظ والإرشاد ويلاحظ على المجتمع تحولاته المفاجئة من شعب محافظ متدين إلى استيراد الأفكار الهدامة والمنحرفة من شيوعية وبعثية وقومية وطنية ووافدة رغم تعدد القوميات في البلد نفسه، وشمل نقده كل مظاهر التغريب من رأسمالية وعلمانية